ملفات فلسطينية

الهجوم على شمال الضفة الغربية مرحلة جديدة وخطيرة

الحملة العسكرية الحالية هذه تريدها إسرائيل منذ اللحظة الأولى لتشكيل هذه الحكومة ، اذ أن خطة الحسم التي بلورها سموتريتش جاهزة منذ العام 2017، وقد استطاع هذا الوزير أن يطبق خطته أو على الأقل أجزاء متفرقة منها مثل تعميق الاستيطان وشرعنته وتغذيته.

الهجوم على شمال الضفة الغربية والمرشح للتوسع والتعمق إنما هو مقدمة لتطبيق الرؤية الأخيرة و النهائية لحكومة نتانياهو الحاخامية التوراتية، وهي رؤية لا وجود فيها للاعتراف بالشعب الفلسطيني أو للجلوس معه على طاولة مفاوضات تفترض الندية والمشاركة والمساواة، أعتقد أن هذا أصبح وراء ظهر الاسرائيلي في عمومه، أعتقد أن الاسرائيلي لم يعد معنياً بحل سياسي بعد كل ما جرى. وما جرى فظيع ولا يمكن أن تعود الأمور الى ما كانت عليه أصلاً، لهذا أعتقد أن الاسرائيلي حسم أمره تماماً، بمعنى أنه بصدد فرض التسوية الأمنية على الشعب الفلسطيني والتعامل معه بقبضة من فولاذ.

وهذا يعني فيما يعني إعادة الاحتلال بكل ما فيه من بشاعة، مع الاستفادة من تجربة الاحتلال الاولى هذه المرة، اذ ستحاول اسرائيل هذه المرة أن تحكم من وراء لجان أو ادارات محلية أو اقليمية أو دولية ان استطاعت ، فإن لم تستطع فهي مستعدة لأن تحكم بشكل مباشر أيضاً، أو يمكن لها أن تمارس الدور الأبدي للاحتلال من خلال نظام العصا والجزرة أو التمييز بين المناطق أو العائلات أو وسائل العقاب والثواب ومحاولة خلق فئات مستفيدة وأخرى مستبعدة، وإذا أضيف الى ذلك تحويل المكان إلى مكان ضيق وفقر لا عمل فيه ولا خدمات فإن الهجرة القسرية ستكون إحدى الحلول وتبدو اسرائيل مستعدة لكل السيناريوهات الأكثر سوءاً في هذه الصدد.

الحملة العسكرية على الضفة الغربية تهدف فيما تهدف إلى التنكيل بالمجتمع الفلسطيني وتأخيره وافقاره ودفعه إلى اليأس والإحباط وإلى تمزيقه وتجفيف قواه ودوافعه، وتهدف كذلك إلى ضرب التمثيل السياسي والرموز الوطنية.

الحملة العسكرية شمال الضفة الغربية حتى الآن تهدف فيما تهدف أيضاً الى رغبة اسرائيل في استمرار الحرب بوتائر مختلفة ، لأن اسرائيل لم تسترجع بعد ما خسرته بعد السابع من أكتوبر، وقد بررت اسرائيل حملتها هذه بالقول أن ايران تزود المسلحين في الضفة الغربية بالأسلحة عن طريق الأردن، وهو ادعاء تكذبه الوقائع المختلفة من مصادرة الأسمدة ومداهمة مخارط الحديد ومن تكرار السرقات من معسكرات الجيش الاسرائيلي، ولكن إسرائيل تريد أن تجعل من حملتها هذه وكأنها استمرار لحربها في الجبهات المختلفة التي تتهم إيران بأنها تقف وراءها. اسرائيل لا تريد أن ترى احتلالها ولا بشاعته ولا ما يفعل بالإنسان الفلسطيني، إسرائيل تحب لعبة الملامة والعتب والاتهام لكل شيء ما عداها.

فالحملة العسكرية الحالية هذه تريدها إسرائيل منذ اللحظة الأولى لتشكيل هذه الحكومة ، اذ أن خطة الحسم التي بلورها سموتريتش جاهزة منذ العام 2017، وقد استطاع هذا الوزير أن يطبق خطته أو على الأقل أجزاء متفرقة منها مثل تعميق الاستيطان وشرعنته وتغذيته ومنها دمج المستوطنين المنتمين إلى جماعات خارجة عن القانون في أجسام قانونية معترف بها، ومنها محاصرة السلطة الوطنية ونزع الشرعية عنها أو مطالبتها بالمزيد من التنازلات التي تسميها أمريكا “تحديث” أو “تجديد” ومنها أيضاً طرد المواطنين من مناطق “ج” وقد بلغ عدد هؤلاء عدة آلاف.

اقرأ ايضا| الحرب الإسرائيلية المتصاعدة سيدفع ثمنها الجميع

هذه الحملة العسكرية الآن تطبق بشكل متدحرج ما كان يجري في الخفاء أو على استحياء بحيث يكون خطة حكومية علنية تنفذ بآلاف الجنود ومئات الآليات العسكرية وهي استثمار أمني وسياسي لما جرى في قطاع غزة، فإسرائيل تهدف الى فصل القطاع عن الضفة فصلاً جغرافياً وسياسياً وأمنياً واجتماعياً أيضاً.

هذه الحملة العسكرية على شمال الضفة الغربية تأتي بعد تدمير قطاع غزة واستشهاد أكثر من أربعين ألف فلسطيني وبعد تصويت الكنيست الاسرائيلي على عدم الاعتراف بالدولة الفلسطينية وبعد التصويت على ان الاونروا هيئة تدعم الارهاب وبعد ان استطاعت اسرائيل أن تتغاضى وتهمل كل المطالبات العالمية وكل القرارات الدولية بضرورة وقف إطلاق النار.

وهذا يعني أن إسرائيل التي تضرب بعرض الحائط بكل شيئ تماماً، ماضية في تحطيم كل الاواني وترفض كل التسويات ومحاربة كل الأطراف حتى حلفائها الذين يظهرون ضعفاً غير مسبوق أمام جنونها وغطرستها. الحملة العسكرية على شمال الضفة الغربية قد تنتهي خلال أيام ولكنها بالتأكيد رسالة قوية وواضحة أن اسرائيل غادرت كلياً فكرة التسوية السياسية مع الشعب الفلسطيني، وهو ما ينذر بمخاطر قوية للمنطقة بأسرها.

هذا الهجوم المتدحرج على شمال الضفة ايذان بمرحلة جديدة لا تختلف عن المراحل السابقة سوى بالجنون والغطرسة ، وهو ما يثبت أن اسرائيل ماضية في خسارة كل شيء ولسنا نحن من نقول ذلك فقط . اسرائيل تفقد الاتجاه فعلاً وقولاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى